الإخوة الشهداء: عباس





الاخوة الشهداء "عباس".


الاخوة الشهداء « عباس » هم أربعـة شهداء من أب واحد ، هو الشيخ صالح بن عباس ، مسقط رأسهـم دوار أولاد فاضل ، ولاية باتنة ، نشأ الإخوة الشهداء وترعرعوا في بيت والدهم ، المعروف بزاوية سيدى صالح الطريقة الرحمانية ، هذه الزاوية التي كانت تستقبل الأيتام والأرامل الذين يفدون إليها من كل الجهات ، فتؤويهم وتربيهم وتعلمهم وتحسن مثواهم ، والهدف الرئيسي للزاوية هو تحفيظ القرآن وتدريس الفقه والشريعة الإسلامية ، تمسكا بالأصالة والوطنية ، وهذا ما يؤكده الكثير من أبناء المنطقة ، وكل من كانت له فرصة المكوث فيها ، وحضور حلقات العلم والتدريس التي تقدم للمقيمين بها.


في هذه البيئة والمحيط الإسلامي وثقافته الأصيلة ، ترعرع أبناء الشيخ صالح في الزاوية ، وحفظوا ما تيسـر من القرآن الكريم ومن مختلف فنون العلم والمعرفة ، مما أهلهم لأن يكونوا رجالا مخلصين مؤمنين أصفياء أتقياء ، يتسمون بالخلق الفاضل والسلوك المستقيم والغيرة على الدين، احتضنت الزاوية بمن فيها رجالا ونساء الثورة التحريرية المباركة منذ الإنطلاقة الأولى حيث كانت مركزا يستقبل المجاهدين والمناضلين من جميع أنحاء الوطن ، تقدم الطعام والمؤونة ، وتوفر اللباس والأدوية وتدخر كل حاجيات الثورة وتربـط الإتصالات واللقاءات بين المجاهدين والقيادة كلما تطلب الأمر ذلك.


ونستعرض الآن ماتيسر لدينا من سير الشهداء الأربعة ، حسب التسلسل التاريخي لميلادهم : 


1️⃣: #الشهيد : «عبد الحفيظ عبـاس» :

 أبوه صالح وأمه رقية صفان ، ولد سنة 1920 بـأولاد فاضل ، باتنة ، زوجته صفان سكورة، المزدادة بتاريخ: 1925 تاريخ الوفاة 2020/03/11 مجاهدة عضوة في جيش التحرير، كانت تنشط مع زوجها الشهيد بناحية بوعريف، ترعرع الشهيد وتربى في بيت والده مع باقي إخوانه وأخواته فكان ممن لبوا دعوة الجهاد ، فالتحق بصفوف جيش التحرير سنة 1955 بالناحية الثالثة ، المنطقة الثانية ، الولاية الأولى ، ونظرا لكفاءته وإخلاصه فقد تدرج في عــدة مسؤوليات كان آخرها ملازما سياسيا بالناحية المذكورة . اشتهر بين رفاقه من المجاهدين بالجد المفرط في الحفاظ على أموال الثورة ، والحرص على تنفيذ التعليمات ، واحترام مشاعر المواطنين ، وكان يمارس مهامه باخلاص وعزم إلى أن اشتبك ورفاقه مع جيش العدو الفرنسي سنة 1961 بدوار ( بوميه ) بجبل بوعريف فارتقى شهيدا ورفاقه رحمهم الله.


 2️⃣ : الشهيد : الربعي عباس المدعو « سى الحشاني » : أبوه صالح ، وأمه شويخة منصوري ، وهو من مواليـد 1923 بأولاد فاضل باتنة، متزوج وله ستـة أبناء؛ ثلاثة ذكور وهم ( البشير ، عمار ، احمد ) وثـلاثة إناث هن ( فتيحة - حدودة - نجاة ) كان له هو الآخر شرف تلبية نداء الواجب منذ الوهلة الأولى للثورة حيث كان مسؤول في جبهة التحرير الوطني سنة 1954 مع المناضلين والمسبلين يسهر على تنظيم الشعب ، وتوزيع المناشير والتعبئة والتحفيز لاحتضان الثورة والإلتفاف حولها ، ويعمل على ربط الاتصالات ونقل البريد وتبليغ المعلومات للمسؤولين ممن يهمهم الأمر ، كما كان يسهر على جمع المؤونـة واللباس والذخيرة

نظرا لنشاطه المكثف والملحوظ ، الذي أقلق جيش العدو واتباعه من الخونة صار ملاحقا باستمرار من طرف الجيش الفرنسي من خلال حملات التفتيش والتطويق المتتالية تارة بالنهار وتارة بالليل في محاولات يائسة لإلقاء القبض عليه أو قتله أو العثور على الوثائق التي كانت بحوزته من دفاتر وقوائم ومنشورات ومراسلات، باعتبار أنه رحمه الله كان مسؤولا نشيطا ومحل ثقة كبيرة من جيش التحرير والمناضلين والشعب ولهذه الأسباب كــان الشهيد عرضة لعدة مخاطر إلى أن قرر جيـش التحرير سنة 1958 ضمه إلى صفوفه ليكلفه بمسؤولية « سياسي قسمة » ، حيث واصل نشاطه بكل ثبات وعــزم، إلى غاية سنة 1959 ، حيث قام العدو بتطويق المنطقة التي كان يوجد بها مع جمع من المسؤولين العسكريين والمدنيين منهم « على الصيد » عسكري الناحية آنذاك ومحمد الصالح شيخي قاضي الولاية « والملازم الوردي صمادی » ، فتصدی لقوات العدو وقاتل ببسالة إلى أن ارتقى شهیدا في میدان الشرف ، بدوار « الشناتيف » جنوب مدينة تازولت ( لامبيز ) رحمه الله وأسكنه جنان الفردوس . 


3️⃣: الشهيد القائد « الطاهر عباس » :

مسؤول الناحية الثالثة المنطقة الثانية بالولاية الاولى

#الشهيد : الطاهر عباس 

ولد الشهيد الطاهر عباس المعروف بسي عباس سنة 1928 ببلدية دوفانة ( اولاد فاضل) بدائرة تيمقاد حاليا، نشأ في أحضان أسرة اشتهرت بالعلم وتدريس القرآن الكريم، وتحفيظه للطلبة الوافدين على الزاوية، انكبّ على حفظ القرآن منذ صغره، ولمّا حفظ ما تيسّر له، قام المدرّسون بالزاوية بتلقينه بعض المبادئ الأولية في اللغة وعلوم الدين مع أقرانه.

أظهر نبوغا وتفوّقا في الدراسة منذ صغره، ممّا جعل والده سي صالح يوجّهه إلى معهد الامام عبد الحميد بن باديس بقسنطينة سنة 1948 ليواصل دراسته، وفي تلك الأثناء احتكّ ببعض الطّلبة ممّا جعله ينخرط في صفوف الكشافة الاسلامية التي نمت فيه الرّوح الوطنية، ممّا كوّن لديه مزيدا من الوعي الوطني والسياسي، وبعد رجوعه من قسنطينة وجد تيار الحركة الوطنية قد سبقه إلى عمق الأوراس، ممّا دفعه إلى الانخراط في صفوف حركة الانتصار للحريات الديمقراطية.

نتيجة لنشاطه وجده في العمل، وإيمانه بالقضية الجزائرية، قام زعماء هذه الحركة بتعيينه مسؤولا على رأس خلية الحزب بهذه الجهة سنة 1950، ولكنّه لم يستقر كثيرا هناك، لأنّ والده حرص على إرساله إلى تونس لمواصلة دراسته، سافر إلى تونس ليواصل تعلّمه بجامع الزيتونة ولكنه لم يتخل عن نضاله في صفوف حركة الانتصار.

خلال العطلة الصيفية سنة 1954، التي قضاها الطالب «الطاهر» بمقر زاوية العائلة، علم أن الثورة على الأبواب فتخلى عن الرجوع إلى جامع الزيتونة لمواصلة دراسته، لأنّ الروح الوطنية التي كان يتمتّع بها سيطرت على وجدانه، وبدأ يقوم بنشاط سياسي مكثف على مستوى دوار أولاد فاضل والجهات المجاورة، حيث كان يتّصل بالمناضلين المسجّلين في الخلية التي كان يشرف عليها، ليقوم بتوعيتهم وعقد الإجتماعات معهم، وذلك بهدف تهيئة وتعبئة سكان المنطقة للجهاد.

كان على علم بكل الانشطة السياسية التي كانت تجري على مستوى قيادة الحزب، اطّلع على نتائج اجتماع مجموعة 22 الذي انعقد في جوان 1954، وهذا يعود لاتصالاته المستمرة بمسؤولي الحركة، كان المناضل الطاهر عباس يتقد حماسا ووطنية وينتظر موعد انفجار ثورة التحرير بشوق، لم يكن خلال تلك المرحلة يعلم ككل المناضلين على المستوى الوطني، موعد اندلاع الثورة إلا أنه كان على قناعة تامة بقرب مرحلة اللجوء الى الكفاح المسلح كوسيلة للتخلص من الاستعمار، كلّف من قبل القيادة ببث الوعي لدى أبناء الجهة لمساندة الثورة في انتظار توفر الاسلحة.

التحق سي الطاهر عباس بصفوف جيش التحرير الوطني، مع مطلع سنة 1955 بجل بوعريف، ونظرا لوعيه السياسي الكبير وثقافته الواسعة ووطنيته الجيّاشة وقدرته على التسيير، تمّ تعيينه مسؤولا على رأس قيادة القسمة الثالثة سنة 1956. وخلال تلك الفترة شارك في عدة معارك بجبل بوعريف منها معركة تيصفراح والثنية الحمراء، شرق جبل بوعريف وغيرهما من المعارك والعمليات العسكرية، وبعد سنة من العمل الجاد عين مسؤولا على الناحية الثالثة من المنطقة الثانية برتبة ملازم ثاني، فكان مثالا للشّجاعة والإخلاص والتحلي بالانضباط وروح التضحية والفداء.

كلّف بعدّة مهام على مستوى الولاية الأولى

اهتم الشّهيد بتنظيم الناحية الثالثة، فكثّف الاجتماعات والتنسيق بين مسؤولي القسمات وتوعية المواطنين، وتكوين اللجان الشعبية وجمع المؤونة، إعداد المخابئ، تكوين المراكز لجيش التحرير الوطني، ممّا جعل ناحية بوعريف تحتل الصدارة في التنظيم والاستعداد لتحمل أعباء الثورة، وذلك بفضل التوعية السياسية التي قام بها خيرة المجاهدين بهذه الجهات ومن بينهم الشهيد. وهذا ما جعل أحد مسؤوليه يقول في إحدى خطبه سنة 1956: «لو كان للثّورة عشرة رجال من أمثال الطاهر عباس وأخويه سي عبد الحفيظ وسي الحشاني، لاستطاعت أن تنظّم نفسها في مدة شهر».

كلّف عدة مرات بمهام تفقّدية على مستوى المنطقة الثانية من الولاية الأولى، ولاسيما في عهدي الرائد علي النمر والحاج عبد المجيد الصمد، وفي سنة 1957 بينما كان في جولة عمل مع النقيب محمد عرعار بوعزة تمكّن العدو من اكتشاف مكان تمركزهما مع مجموعة من المجاهدين بخنقة البخور بأعالي جبل بوعريف، فحشد لهم قوات كبيرة قدمت من مراكز باتنة وجهات مختلفة، فدارت معركة ضاربة دامت يوما كاملا، استعمل فيها العدو كل أنواع أسلحة الفتك والدّمار المتاحة له، حتى الأسلحة المحرّمة دوليا ومن بينها النابلم، أسفرت هذه المعركة عن استشهاد القائدين سي محمد عرعار وسي الطاهر عباس وعدد من المجاهدين.

🇩🇿🇩🇿🇩🇿المجد والخلود للشهداء الابرار 🇩🇿🇩🇿🇩🇿

 

4️⃣ : الشهيد « عبد الوهاب عباس » :

 أبوه صالح ، أمه يمينة عبد الصمد ، ولد في 30 مارس 1940 بأولاد فاضل، باتنة وكاخونه زاول الدراسة الابتدائية وحفظ ما تيسيـر من القرآن ، في بداية الثورة التحريرية وكان أصغر إخوانه وأخواته وكان شابا مرموقا في مقتبل الـعمر ، يتطلع إلى مستقبل زاهر سعيد ، وإلى الأحلام و الأماني التي تراود كل الشباب فتربى في الزاوية التي كانت قلعة من قلاع الثورة ومركزا بارزا بحكم موقعها الجغرافي وسط السهل الممتد بين « جفجوف » وجبل شلية ، وجبل بوعريف وسهل الرميلة ، من الناحية الشرقية ، وبالإضافة إلى استقبالها جنود الناحية كانت أيضا محطة مرور قوافل جيش التحرير المتوجهـين والقادمين من وإلى الحدود الشرقية ، وكان للشهيد دور محسوس ومشهود في استقبال الوافدين ليلا ونهارا وتزويدهم بالمؤونة والمعلومات عن تحركات العدو ، وقيامه بحفظ الذخائر ، هذه المهام أوكلـت إليه كلها بعد مغادرة إخوته الكبار الزاوية والتحاقهم بالجيش وكان العدو يلتقط أخبار نشاط الشبل « عبد الوهاب » فحاول عـدة مرات أن يؤثر عليه بمختلف طرق الإحتيال ، كالإغـراء للتخلي عن الثورة ومساعدة ( الفلاڨة ) كما يسميهم العدو انذاك ، إلا أن يقظة الشهيـد ، وحيويته وشعوره التي تتعـاظم يوما بعد الآخر زادته نشاطا وصبرا وتجلدا ولم يكن من السهل على جيش التحرير تجنيد شاب صغير في مثل سنه وترك عائلة يفوق عدد أفرادها الثلاثین بدون رجل حتـى وإن كان صغيرا في السن مثل الشهيد « عبد الوهاب » إلا أن الـعـدو الماكر الخبيث وعيون الخونة لم يأبهوا لمثل هذه الاعتبارات ، وكان همهم الوحيد القتل والتشريد والنهب والتعذيـب والتخريب وخلال سنة 1958 كالعادة قام العدو بتطـويق الزاوية ، بعد أن اكتشف انسحاب مجاهدين كانـوا في استراحة قصيرة بالزاوية لأن جنود جيش التحـرير كانوا يتنقلون في النهار متنكرين بلباس المدنيين فحاول مع ( عبـد الوهاب ) معرفة اتجاههم وهويتهم ومتى قدموا ، ومن أين جاءوا واستعمل العدو أبشـع وسائل التعذيب لاستنطاقه كالضرب بالعصى وقلع شعر رأسه وبطعن جسمه بالخناجر واطفاء السجائر في الجـراح وشحنه بالكهرباء .... الخ 

كان صبر الشهيد وجلده وثباته أقوى من العدو ووسائله فلم ينل منه شيئا ، عند إذ لم يجد العدو بدا من الإلتجاء إلى طريقته المعهودة وهي التصفية الجسدية فقتله بالقرب من الزاوية وكان ذلك آخر موعد لنشاط الزاوية التي قام العدو بتلغيم جدرانها ونسفها عن آخرها ونقل حجارتها إلى مركز العدو في « بولفرايس » وقام العدو أيضا بتعذيب النسـاء وإهانتهن ولطمهن بمؤخرات البنادق وذلك لعظيم دورهن في هذه الزاوية ، من طهي للطعام وغسل الثياب وترقيعهـا وحفظ الذخائر و المؤونة إلى غير ذلك من الاعمال العظيمة التي تخلـد بطولاتهن وصبرهن وتجلدهن.

🇩🇿🇩🇿🇩🇿المجد والخلود للشهداء الابرار 🇩🇿🇩🇿🇩🇿





 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشهيدك أحمد بن دريميع -أحمد لمطروش-

الشهيد: مصطفى بن بولعيد

الشهيد: بوغرارة السعودي