الشهيد: خوجة تاج الملوك

الشهداء يعودون

الشهيد: خوجة تاج الملوك 

احد #شهداء_سلاح_اللاسلكي

الذي ارتقى بميدان الشرف يوم 1959/04/14، بالمنطقة الثامنة من الولاية الخامسة.


كان خوجة مسؤول فريق من البحارة في الجيش الفرنسي الذي قضى به 12 عشر سنة خدمة في صفوفه، فر من باخرة عسكرية من ميناء القنيطرة، بالمغرب، ليلتحق بالمخيم العسكري لجيش التحرير الوطني الذي كان في مدينة العرايش (المغرب)، بالساحل الأطلسي، على بعد بضع عشرات من الكيلومترات عن مدينة القنيطرة.

بتاريخ 1958/08/16 تم اختياره ليتلقى تكوينا في اختصاص التشفير، بمدينة كبداني (منطقة الناظور، في المغرب). مركز كبداني كان مركزا للتكوين العسكري لجيش التحرير الوطني، وقد تم فتحه في تلك الفترة من طرف ضباط، من بينهم الرائد بن شريف علاهم وآخرون. وكانت هناك مدرسة للبث اللاسلكي تديرها نخبة من الضباط، من بينهم سدار سنوسي، حساني عبد الكريم، بوزيد عبد القادر وغوار عبد المجيد.

بالنسبة لخوجة تاج الملوك فإن وطنيته، بنيته الجسدية وتجريته العسكرية في البحرية الفرنسية (كان حاضرا حين الهجوم الثلاثي على قناة سويس في سنة 1956) كانت تؤهله ليكون مكافحا وتقنيا في مجال البث، ذا كفاءة عالية في الجبل. وعليه، ففي نهاية التكوين تم توجيهه إلى مركز قيادة المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة. وضمن أبطال هذه الحقبة البطولية لمكافحي البث اللاسلكي، كان خوجة البحار يحوز مكانا ذا ثقل. ولإبراز ذلك، قام "شامي" (المدعو طارق)، رفيقه في السلاح وشاعر الجبل (كما كان يسمى خلال حرب التحرير)، بكتابة هذه القصيدة الشعرية لبحار عنابة الذي كافح بشجاعة كبيرة جيوش الإحتلال أثناء عبور الأسلاك الشائكة للغرب، وقد كانت تلك الجيوش مدعومة بالسلاح الجوي وفرق المدفعية، و ارتقى خلالها بميدان الشرف، دون أن يبلغ وجهته.

وها هي قصيدة طارق (قصيدة مشهورة لأنها نشرت في

كتب عديدة):

خوجة

إبن عنابة، المتمردة الأبدية .

مدينة يتذكرها دم "بيجار" الأسود

والتي تأبى أن تموت ذبيحة

ولا تبالي بشظايا قنابل 105 والمدفعية


والتي تنزف دما وتقاوم ضد "الأمطار الحمراء"

من طائرات بربرية وبواخر داهمة

والتي تكافح بالنهار وتنتصر بالليل

حين يتراجع العدو الخبيث بجبن.


إبن عنابة وأيضا إبن البحار

أنت الذي خضت المحيطات العميقة

أنت الذي قضيت 12 سنة تحت البذلة البغيضة

زائرا بذلك أكثر من نصف العالم.


إبن عنابة الذي كان يثير إعجابنا

والذي كان يحسن الأغاني الوطنية والشاعرية

أزرق العينين، قد عرفت أين يوجد مكانك

ونجوت، سالماً، من مخالب فرنسا.


أجبت "نعم" لنداء الشرف

منخرطا بسرور في شعبة اللاسلكي

وأتيت نحو الجنوب حيث مات

وحيث يموت لدى الفرنسي آخر أمل.


ستقطع الجبال ولا سلاح لديك سوى

مسدس محشو، و قنبلة واحدة

أتذكرك يا خوجة وأمسك دموعي 

ونحو ذكراك يفر كل حاضري .


مضيت أيها الأسد نحو الجنود النجسين 

قتلت اثنين ثم رميت القنبلة

مسحت المكان ... وذاك الجريح رحمته 

وتركته ومضيت مناديا "أنا قادم" .


لكنك توقفت هنا، وجرحك غائر 

والدم يلون بشرتك البيضاء حيث تلتصق "ميداليتك" 

أتذكر تلك القلادة، فقد كانت (يا إلهي) 

صورة تمثل ملاكا يخوض معركة .


لم تمت عبثا وسوف نأخذ بثأرك 

نم مطمئنا يا بطل... وستكون عنابة حرة، 

وكل الجزائر، ساحقة الأجنبي

من قبرك الحي ستهز الأرواح. 


-طارق (شاعر الجبل).


كان خوجة أعزبا، ومسكنه بشارع البحرية، في "بونه" (عنابة، حاليا). وهو مولود بتاريخ 1930/02/05، وكان يحمل رقم التعريف 259 في سجلات مصالح اللاسلكي لجيش التحرير الوطني. 

في كتابه "choc de ondes" كتب سدار سنوسي (المدعو 

سي موسى) قائلا: 

"بعد توجيهه ضمن فرقة بصفته تقني راديو، أدى الأخ خوجة مهمته بشكل بطولي. فبعد استشهاد قائد وحدته لم يتردد في أن يتولى هو بنفسه قيادتها، مواصلا في تكبيد العدو خسائر جسيمة. وبعد قتال شرس، ارتقى شهيدا جراء انفجار .

 وبالنسبة للضابط رحالي بومدين، تقني راديو من دفعته، 

إبن ندرومة الذي وجه إلى الولاية الأولى رفقة خلفه، فغول معمر، فإن فقدان خوجة تاج الملوك كان خسارة لا تقدر بالنسبة لمصالح اللاسلكي لجيش التحرير الوطني وبالنسبة للجزائر أثناء الحرب. فقد أكد رحالي بومدين هذا الكلام قائلا:

 "كنا بصدد عبور الأسلاك الشائكة عند نفس الموقع الذي سقطت فيه فرقة خوجة في كمين. كان عبورنا بعد ثلاثة أيام من وقوع الحادثة. وفي حدود ثلاثة مراحل (حوالي أربعين كيلومتر) الجثث من الفرقة السابقة (حوالي خمسة عشر جثة)، حيث تعرفت من بينها، وبكل سهولة، على جثة شهيد دفعتي، خوجة تاج الملوك. وبعدما قمنا بدفنهم واصلنا مسيرنا نحو وجهتنا. "

كل هذه المقالات والشهادات من "طارق"، سدار سنوسي 

ورحالي تؤكد خسارة هذا المجاهد الذي كان يجسد الرجل المتمسك بتحرير وطنه والمتمسك بمسقط رأسه "بونه العتيقة" (عنابة). 

🇩🇿🇩🇿🇩🇿المجد والخلود للشهداء الابرار 🇩🇿🇩🇿🇩🇿


 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشهيدك أحمد بن دريميع -أحمد لمطروش-

الشهيد: مصطفى بن بولعيد

الشهيد: بوغرارة السعودي