الشهيد: لعموري بوفاتح

#الشهيد : لعموري بوفاتح


الشهيد المعدم لعموري بوفاتح (1930- 1957 م) من شهداء الثورة الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي في منطقة وادي ريغ بـولاية المغير جنوب ولاية بسكرة بمنطقة الزيبان

هو بوفاتح بن محمد بن تلي بن عامر لعموري أمه فاطمة برجوح المدعوة (الحمراء) ولد عام 1930 م بصحراء عين عيسى (أم الطيور) عاش حياة البدو والرحل٬ كان له ثلاثة إخوة البشير وزمولي و أحمد وأختهم الريم وخديجة شكلوا عائلة ثورية في أحضان أمهم الحمراء المعروفة بالجود والنضال في المنطقة أم الطيور بولاية المغير٬عاش بوفاتح يتيما وكان أخوه البشير هو ولي أمره بعد أبيه. كان أنموذجا من نماذج الكفاح إمتاز بصفات لم تكن في أقرانه إنها الدهاء والحيلة وعزة النفس لا يحب الذل والهوان لا يرد له طلب بين إخوته٬ كان مطيعا مثقفا له كل خصال الرجل الشهم الذي لا يعرف الخوف والمحال. أتقن اللغة الفرنسية جيدا ورياضة الملاكمة كان متعصبا وشديدا لأنه ترعرع في بادية البؤس والشقاء. شهد فترة الإستعمار الظالم المستبد في صغره فكانوا له ألذ الأعداء لما رآه من تعذيب لحق بأهله وباديته.


 نضاله في حركة إنتصار الحريات الديمقراطية

         شهدت فترة ما قبل إندلاع الثورة التحريرية المظفرة هجرة العديد من الشباب والكهول إلى أوروبا وفرنسا و باقي أنحاء العالم٬ سي بوفاتح كان من بين العناصر التي هاجرت إلى فرنسا مقصدا للعمل و النضال عام 1952 م و عمره آنذاك 22 سنة حيث قضي عدة سنوات هناك مع رفيقه وابن عمه محمد الطاهر. إنظم إلى حزب حركة إنتصار الحريات الديمقراطية بقيادة مصالي الحاج بشكل فعلي عام 1951 م بالجزائر وأصبح عضوا مهما في الحركة عند هجرته لفرنسا عام 1952 م بباريس رافعين مطالب من بينها إجلاء القوات الفرنسية من جميع الأراضي الجزائرية٬ إعادة الأراضي المصادرة٬ تعريب التعليم في مختلف مراحله...إلخ. عند ظهور أزمة داخل الحركة بصفة جلية منذ شهر أفريل 1953 م حين إنعقاد مؤتمرها الثاني الذي إتضحت فيه المسائل الجوهرية في النزاع بين اللجنة المركزية ومصالي الحاج وأنصاره و من بينهم لعموري بوفاتح، وإتخذ أعضاء المنظمة الخاصة موقفا معارضا للنزاع، وأكدوا على وحدة الحركة وضمان إستقرارها. كانت أزمة حركة إنتصار الحريات الديمقراطية تتمثل في الصراع بين المركزيين والمصاليين إذ تعنت كل طرف لموقفه ونتج عن ذلك ظهور اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي سعت على التوفيق بين الطرفين إذ إجتمع أنصار مصالي في 1954 م، وأجروا تعديلات على هيكلة الحركة. استمر سي بوفاتح في النضال بحركة إنتصار الحريات الديمقراطية من 1951- 1954 م داخل الجزائر وخارجها و في نهاية سنة 1955 م قامت اللجنة الثورية للوحدة والعمل بالوصول لإقناع أعضاء من المصاليين والمركزيين بضرورة العمل المسلح وتلبية النداء الثوري بعد إنقسام الحركة.

كفاحه في الثورة التحريرية


    عند إندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة في الجزائر عام 1954 م إنتقل إليه خبر إندلاعها فإنظم إلى مجموعة خاصة لجبهة التحرير الوطني بباريس وأصبح من أبرز عناصرها وهاجم العدوان الفرنسي في عقر داره واستعمل عدة أساليب كالترهيب وبث الرعب في نفوس الفرنسيين من خلال المهاجمة ليلا على القرى والمداشر مع مجموعة من الأعوان منهم المجاهدين النعمي محمد ويحي خليفي ومحمد الطاهر وذلك إثر نقل الثورة إلى الأراضي الفرنسية٬ غير أن أخاه الأكبر طلب منه الرجوع و ذلك بالاتصال به عن طريق جبهة التحرير الوطني لمساندة الثورة في بلاده لأنهم بحاجة للكثير من أصناف المجاهدين و كانت ذريعته عندما إستغرب الفرنسيون من سبب رجوعه للجزائر و في هذا الوقت العصيب بالذات هي أنه راجع لأرض الوطن بغية التحضير لحفل زفافه.

            عند رجوع سي بوفاتح للجزائر عام 1956 م إلتحق بصفوف جيش التحرير و دعمهم بالمسدسات المهربة في الرغيف (الخبز) من النوع الفرنسي و صار صائدا للعملاء الفرنسيين. إمتدت مناطق كفاحه من بسكرة نحو جامعة و خاصة منطقة الشحمي ضاحية قرية البعاج بأم الطيور التي إتخذوا منها ثكنة عسكرية نائية عن أعين الاستعمار و كان رفقائه حينها الشهيدين رقيعي أحمد بن لعجال و لعموري محمد و بعض العناصر الأخرى المعروفة في المغير. كانوا ينفذون خططهم ليلا و التعرض للقوات الفرنسية. و نظرا لحدة بصره و مهارة ملاعبته للعملاء في وقت مضى فقد كلف خلال كفاحه بعدة مناورات قتل فيها عدة جنود فرنسيين بمنطقة جامعة مع رفيقه الشهيد رقيعي أحمد٬ كما قام بمداهمة مكتب بريد الأغفيان (منطقة في بلدية تندلة) و قتل ساعي البريد و أعوانه فتم بهذه العملية تزويد جيش التحرير بالسلاح و المال. الشهيد لعموري بوفاتح صال و جال أرجاء منطقة جامعة و ضواحيها و أشهر العمليات التي قام بها هي مهمة بمنطقة جامعة بالتحديد قرية وغلانة القديمة بقتل أحد كبار عملاء فرنسا الجاسوس الذي يشكل خطرا كبيرا على كل نواحي منطقة وادي ريغ والذي كان منزله بمنطقة مازهر الزاوية حيث نفذ العملية بإطلاق عدة رصاصات على صدر العميل الذي كان يرتدي درعا واقيا تحت برنسه فنجي من الموت بعد دخوله المستشفى العسكري الفرنسي٬ بعد مرور عدة أيام خرج العميل من المستشفى متوجها مع طائفة من العسكر إلى أم الطيور لإلقاء القبض على سي بوفاتح تحت ظروف سرية كان خلالها بوفاتح بظن منه أن العميل قد مات. فألقوا عليه القبض مع إخوته و لاقوا العذاب الشديد بكل وسائله في سجن (دار دياب) بالمغير أما سي بوفاتح فقد تعرض لعذاب أقسى في جامعة بالكماشة و الكهرباء و هو مربوط بجذع نخلة بعد ذلك نقل إلى مركز البحث و الإستجواب من قبل عناصر المخفر. لكن عز الوطن يولد الشجاعة فقد ضرب بوفاتح النقيب إلى منطقة الرجولة بركلة حتى أسقطه أرضا على خطى الموت المفاجئ ثم حاول بوفاتح الإفلات من عساكر المخفر التي كان عددها كبير و تحيط بالمقر من كل جهة.

ألقي عليه القبض و ربط بالسلاسل في جذع نخلة و أعدم رميا بالرصاص حتى خضب بالدماء و كاد جذع النخلة ينكسر٬ ثم ثبتو جثته بسيارة رباعية الدفع و أخذوا يجرونه من جامعة نحو تندلة قرابة 15 كم وعند وصولهم تندلة قاموا بتعليقه في عربة السيارة في ساحة السوق و هم ينادون « من يعرف هذا البطل!؟ أرعبنا بطريقة قتله للنقيب » و لكن أهل المدينة لم يتفوهوا و لا بكلمة بمعرفتهم لإياه حتى رماه الجنود في الأرض و إنصرفوا. قام قائد الناحية العسكرية عند سماعه لخبر إعدام سي بوفاتح بمعاقبته لجنوده قائلا « لقد قتلتم رجلا أسيرا عندي دون علمي كنت أريده رهانا لجيش التحرير في المنطقة ». توفي الشهيد لعموري بوفاتح على شوق الدفاع عن الوطن في سبيل الله و قد شهد أهل تندلة و جامعة بقصته و صار حديث الناس في الشجاعة و المروءة فدفن بتندلة أوائل ديسمبرعام 1957 م٬ و يروي أقرانه من المجاهدين أنه بعد إعدامه شدد الإستعمار الفرنسي الخناق على المنطقة نتيجة إنفضاح عمالة الفرنسيين و ترصدهم للمجاهدين٬ فإندلعت معارك ضارية بين المجاهدين و جيش الفرنسي في المنطقة ارتقى فيها العديد من الشهداء فكانت أغلب معارك أم الطيور 1958م عام الموالي لإستشهاده.


🇩🇿🇩🇿🇩🇿المجد والخلود للشهداء الابرار 🇩🇿🇩🇿🇩🇿

✍️ L'Âmôü Rî


 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشهيدك أحمد بن دريميع -أحمد لمطروش-

الشهيد: مصطفى بن بولعيد

الشهيدة: مريم بوعتورة