الشهيد: مادي محمد


 #الشهيد : محمد مادي (سي محمد بن صالح)

البطل الذي لقن الفرنسيين دروس النضال والكفاح


في يوم الجمعة 13 سبتمبر من سنة 1957 ، ارتقى محمد مادي المعروف بـ"سي محمد بن صالح"، شهيدا في ميدان الشرف بحي السرايجية ببلدية مفتاح ولاية البليدة، على مدار الثلاث سنوات التي التحق فيها بصفوف جيش التحرير، أذاق فيها المستعمر الفرنسي مختلف طعم الخوف والفزع.


ولد البطل محمد مادي، في قرية البور ببلدية مفتاح ولاية البليدة في 16 أوت 1927 ابن دحمان ابن محمد وابن رحاب خيرة بنت حمدان، حفظ القران الكريم في مسجد زروالة الواقع في أعالي مفتاح وعمره لا يتعدى الرابعة، الشهيد مادي لم يكتف بحفظه للقران الكريم بل راح يتابع الدروس الليلية والمحاضرات التوجيهية، في المدرسة الحرة، المجازر البشعة التي ارتكبتها القوات الفرنسية في الثامن ماي 1945 بمدن سطيف قالمة وخراطة كان لها اثر كبير في نفسية الشهيد سي محمد بن صالح، إذ فضل الانخراط في العمل السري الوطني، ينظم الصفوف ويعقد الاجتماعات ويجمع الأموال تحضيرا لانطلاق الثورة المباركة.

إذ كان من البديهي أن يكون البطل محمد مادي أول من التحق بصفوف الثورة المباركة، لكنه فضل العمل السري إلى أن اكتشف أمره في مطلع سنة 1957، قبل ذلك عرفه أهل متيجة في مداشرها وقراها من مفتاح إلى البليدة، ومن الحراش إلى بومرداس، كمسؤلا سياسيا وعسكريا كبيرا ينظم الشعب وينصب اللجان لدعم الثورة بالمؤنة والأسلحة والأموال والرجال، كان يشتغل في مصنع الاسمنت في مفتاح إلى أن اكتشف أمره للاستعمار ليتفرغ كلية للعمل الثوري.

حيث راح البطل محمد مادي يلقن العدو الفرنسي دروسا في النضال والكفاح، إذ لم يكتف بمحاربة العدو الفرنسي وتعبئة الشعب وتنظيم الأعمال التخريبية في أملاك الكولون ومنشاتهم الاقتصادية ، بل محاربة الخونة وكشفهم ومعاقبتهم، ونصب الكمائن لغلاة المعمرين باعتبارهم ركيزة الاستعمار في منطقة متيجة التي أصبحت عبارة عن ثكنة كبيرة يصعب التحرك فيها.

واصل الشهيد بن صالح نضاله إلى جانب إخوانه الشهداء من الرعيل الأول منهم سي مفتاح، سي مقران، سي حسين، سي بوزيد، وسي بلقاسم،. وغيرهم من الأبطال الذين كانوا يشكلون النواة الأولى لإعداد وانطلاق الثورة في تلك الناحية تحت إشراف مسؤول تنظيم المنطقة التي كانت تحت راية الشهيد سي اعمر شعالة رحمه الله.

عندما تأكد الاستعمار في بداية 1957 أن المدعو محمد مادي هو نفسه سي محمد بن صالح كثفت القوات الفرنسية من عمليات البحث عنه ومطاردته ليل نهار، وقد مكنته سريته الكبيرة وكثرة تنقلاته من الإفلات عدة مرات من كمشات القوات الفرنسية وكمائنه وحواجزه.

في يوم الجمعة 13 سبتمبر من سنة 1957 قبل صلاة العصر في دوار السرايجية الواقع بمحاذاة بلدية مفتاح، وغير بعيد عن منزله جلس يستريح قليلا رفقة رفيق دربه الشهيد زوار السعيد من حي أولاد إبراهيم ببلدية حمادي ولاية بومرداس، والشهيد رمضان منور من حي الشراعبة وهو كاتبه الخاص، وإذا بالقوات الفرنسية تحاصره بأعداد ضخمة، وبدا العساكر في إطلاق النار وتطويق المنطقة.

أمر الشهيد بن صالح كاتبه رمضان بمغادرة المكان فورا حاملا معه الوثائق، ليدخل رفقة زوار سعيد الملجأ الأمن، وذلك ما كانت تبحث عنه القوات الفرنسية، التي جاءت مرفوقة بدليل وهو احد رفاق الشهيد واحد الخمسة الذين حفروا الملجأ وكان الدليل قد القي عليه القبض قبل أكثر من شهر، وكان والد الدليل قد التقى سي محمد بن صالح صباح ذلك اليوم ثم زار ابنه المعتقل في نفس اليوم لقد خانوا العهد وافشوا السر.

لقد كان يوما مشهودا كما وصفه ابنه دحمان، هذا الاخير الذي مايزال يتذكر جيدا أن والده قبل مغادرته للمنزل أدى صلاة العصر وودع جميع أفراد العائلة واحدا واحدا، وطلب من زوجته -رحمها الله– أن لا تبكي عليه إذا ارتقى شهيدا في ميدان الشرف، وهو ما حدث فعلا، إذ مباشرة بعد خروجه من المنزل، كشف أمره، حيث تقدمت القوات الفرنسية مباشرة من المخبأ وأفرغت حقدها رصاصا وقنابل يدوية في جسم البطل محمد مادي داخل الملجأ ليرتقي سي بن صالح شهيدا رفقة زميله زوار سعيد في ميدان الشرف، أمام مجموعة من المواطنين كانوا يتابعون الموقف عن كثب، في صبيحة اليوم الموالي من وفاته أي يوم السبت 14 سبتمبر 1957 يقول ابنه دحمان "أخذته القوات الفرنسية دون رفيقه إلى حوش الخضراء مقر الجيش الفرنسي بمفتاح حيث أخذت له صورا ثم وضعوه قرب مقر البلدية ليراه الشعب ليخاف- بطش فرنسا، لكن هيهات……

لقد زاد الشعب الجزائري بحتمية الانتصار وعانق الثورة أكثر وتابع الكفاح في سبيل تحرير الوطن على خطى سي محمد بن صالح وأمثاله من الشهداء الأبرار الذين أعادوا الوطن حريته واستقلاله وعزته وسيادته.

🇩🇿🇩🇿🇩🇿المجد والخلود للشهداء الابرار 🇩🇿🇩🇿🇩🇿




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشهيدك أحمد بن دريميع -أحمد لمطروش-

الشهيد: مصطفى بن بولعيد

الشهيد: بوغرارة السعودي