الشهيدك محمد الشريف بن عكشة
#الشهيد : الرائد محمد الشريف بن عكشة
استشهد برفقة العقيدين سي الحواس و عميروش و الرائد
محمد العربي بعرير.
ولد محمد الشريف بن عكشة في 05 جانفي 1926م بدوار اشمول -باتنة- لابوين هما: الوردي وطورش فطومة ، نشأ وترعرع كغيره من شباب الاوراس، دخل الكتاب لحفظ ماتيسر من القرءان، ولما تم له ذلك انتقل الى قرية الحجاج، حيث باشر التعليم التقليدي في النحو والصرف والفقه والميراث وحفظ المتن على يد الشيخ ميهوبي محمد الدراجي .
ولأنه اصبح يشعر بمسؤولية الاسرة ، ويعتمد عليه بالمشاركة في الفلاحة والرعي والتجارة ، وقد حصل على خبرة من رحلة الشتاء والصيف ، ومن التنقل بين الصحراء في جنوب جبال الاوراس ، وبين مايصطلح عليه بالشارع شمال جبال الاوراس . وكان له نصيب وافر من هذه التجربة ، لهذا زوجه أبوه سنة 1950م ، من عائلة أولاد بشقة بدوار إشمول ، وظل يمارس الفلاحة على عادة أهل الدوار ، ولما ظهرت عليه النجابة وحسن التصرف في شؤون الحياة انتقل إلى ممارسة التجارة بإرشاد من أبيه، وقد مارسها مع من سيكون معه في النضال السري مستقبلا وهو "بوحا" او " الهادي" بوخلوف من فم الطوب ، إذ يكبره سنا وتجربة في ميدان التجارة، وأنهما في دوار واحد، تربط بينهما علاقات كثيرة اجتماعية وتجارية وسياسية وكره للاحتلال الفرنسي ، مما أحدث بينهما تجانسا في المعاملات ، تؤهلهما للعمل في الميدان السياسي ، والإعداد الثوري ، احدهما في خلية فم الطوب . و الاخر في خلية لمدينة ، وكلاهما رئيس لخلية، على غرار مايمارسه مصطفى بن بولعيد للتجارة في حوز أريس.
تعتبر الحياة السياسية قمة في نضج الحياة الاجتماعية ، لان تجارب الحياة تقتضي من العاقل ان يستخلص منها دروسا تعرفه بمزايا الرجال وبالمشكلات التي تعترض الانسان لاسيما اذا صاحبتها شدائد وصعاب ، وفي نفس الوقت تؤهل الانسان للتدرج في سلم الحياة حتى يبلغ مايتمناه من تحقيق طموحاته ، وهو ماكان لمحمد الشريف بن عكشة إذا انخرط في حزب الشعب في أواخر الحرب العالمية الثانية ( 1939م-1945م) وقد كان السائد بين التيارات السياسية والاصلاحية في منطقة أريس باسم حركة الانتصار للحريات الديمقراطية من 1946م_ ولما امرت الحركة بتاسيس المنظمة السرية التي تعد للكفاح المسلح في شهري فيفري 1947م ، كلف مصطفى بن بولعيد محمد الشريف بتاسيس الخلية في
" لمدينة" لنفس الغرض . وتتكون من الاخوة من محمد الشريف بن عكشة ومسعود عايسي ومحمد الصغير تيغزة وعمار بلهروال (خلاف)، وقامت هذه الخلية بقيادة محمد الشريف بن عكشة بأعمال جبارة تناسب هدفها . وقد شارك أعضاؤها في جمع السلاح مع الخلايا الاخرى من فم الطوب وقرية الحجاج ومدينة أريس .
وبسبب هذا النشاط الظاهري والسري للمناضل محمد الشريف بن عكشة تعرض منزله للتفتيش عدة مرات سنة 1951م، شارك مع بعض المناضلين في ايواء اعضاء المنظمة السرية الفارين إلى الاوراس بعد ان اكتشف امرها ، ونذكر من بين الذين يترددون على منزل محمد الشريف بن عكشة ، بيطاط رابح و لخضر بن طوبال وسليمان بركات وبكوش عبد الباقي وغيرهم ، وهم يتنقلون على حسب الظروف ومراقبة العدو الفرنسي بواسطة عملائه لتحركات المناضلين بين زلاطو واشمول وبوعريف .
ومن حسن حظ الحركة أنه لم يعثر على احد . ولم تكتشف مطامر السلاح ولا المخابئ التي توجد في بيوت المناضلين سواء من السياسيين او من مناضلي المنظمة السرية ، وهو عمل الحركة يدل على حسن التدبير والتقدير واختيار الرجال.
كانت مشاركته في الإعداد للثورة فعالة، بدأت بجمع السلاح من الصحراء ونقله من زريبة الوادي إلى جبال الاوراس بقرية الحجاج باشمول، واستخراجه كذالك من المطامر، ولما قربت الثورة بعد إجتماع ال 22 في أواخر جوان 1954م ، شارك محمد الشريف بن عكشة مع أعضاء المنظمة السرية في تدريب المناضلين السياسيين على إستعمال السلاح والقنابل في غابة الذرعان بالحجاج باشمول، حيث أمروا كذلك بإحصاء المخابئ والمغارات التي توجد في المنطقة .
عقد مصطفى بن بولعيد اجتماعا في لمدينة في منزل -برغوث علي- وهو من اعضاء المنظمة السرية ، وهنالك اتفق على مكان الاجتماع وتوزيع السلاح والافواج ليلة قيام الثورة في 01 نوفمبر 1954.
وقد كلف عاجل عجول باستدعاء من يحضر في دشرة اولاد موسى ، وكلف الطاهر نويشي باستدعاء من يحضر في اجتماع خنقة لحدادة في تيبيكاوين بدوار اشمول ، وحضر محمد الشريف بن عكشة في دشرة اولاد موسى بديار بن شايبة ،وكان ضمن فوج اتجه الى باتنة للهجوم على الثكنة العسكرية ، وبعد ذلك كلفه مصطفى بن بولعيد بالتوجه الى ناحية عين التوتة رفقة عبد الحفيظ طورش ومصطفى رعايلي ، وعينه مسؤول بهذه الناحية ، ومنها انتقل الى بريكة والقنطرة كفاتحة لنشر الثورة خارج منطقة الاوراس .
وبينما كان يؤدي واجبه الجهادي على أحسن مايرام فترة الشهور الاولى من الثورة ، وضعت فرنسا اسمه ضمن قائمة المتهمين بتكوين " جمعية الاشرار " التي قامت بتخريب مقرات عمومية بواسطة المتفجرات، وقد حكمت عليهم غيابيا هم:
- بن بولعيد عمر بن محمد
.-شيحاني بشير بن رمضان
-اعبيدي محمد الطاهر - الحاج لخضر-
-بن عكشة محمد الشريف
-بلعقون مسعود بن عمار.
-غمراس الطاهر المعروف بالطاهر انويشي .
-العايب عمر بن علي
-حرسوس محمد بن الصالح.
بدا محمد الشريف بن عكشة نشاطه الجهادي خارج منطقة اريس في عين التوتة ثم القنطرة وبريكة ، لان الفوج الذي كلف بالقيام بالثورة في بريكة عاد خائبا . ونذكر منهم سليماني محمد الشريف بالة وعبد القادر بوساحة وقد اتصلوا بالقيادة تحت اشراف مصطفى بن بولعيد، وهناك أعلموه بكل ما أعاقهم في بريكة في البداية ، وحينئذ كلف محمد الشريف بن عكشة بالقيام بمهمة الثورة في هذه الناحية ، واصبح بعدها من الفاتحين ، وهي صفة لاينالها الا المخلصون لوطنهم وتوفر لديهم الشجاعةوالحنكة وحب المغامرة لتحقيق الهدف من خلال الصبر والتضحية ، وهي من سمات اغلب اعضاء المنظمة السرية قبل الثورة ، وبها يستحق محمد الشريف التحية والتقدير .
واستمر يؤدي واجبه على احسن وجه في هذه الناحية ، وبشهادة المجاهدين والمناضلين بدليل انهم مازالوا يكنون له التقدير والاحترام والتبجيل . ويعترفون له بثبات الثورة بهذه الناحية ولم يبرحها الا في اواخر سنة 1956 اين ذهب الى تونس لجلب السلاح ، و عاد الى عين التوتة برتبة نقيب.
وسبق قبل ذلك ان شارك في عدة معارك . نذكر منها في شعبة خالد بجبل شليا ، وفيها كان له الفضل في قتل سبعة ضباط فرنسيين، كما قاد هجوما مع زيداني الصالح في 29 ماي 1958م على ثكنة عسكرية فرنسية بمركز ب"معافة" وفيه تمت تصفية جنود العدو الفرنسي ، وهم بين قتيل واسير وغنم لاسلحتهم ، ومازال يحتفل بها في السنوات الاخيرة من الاستقلال
ونتيجة لكثرة المعارك والهجومات والكمائن احتاجت الثورة الى التموين بالسلاح والذخيرة ، ولذلك رجع محمد الشريف بن عكشة لنفس الغرض لتونس ، وهنالك رقي لرتبة رائد جزاء من القيادة على ما أبداه من التضحيات في الولاية الاولى واسندت له مهمة التوفيق واصلاح ذات البين الفرقاء من المجاهدين في الاوراس ، وقد نجح في ذلك ، لولا ان اياد خفية أشارت على بعض المسؤولين المكلفين بتسيير الولاية الاولى بالنيابة أن ينقل محمد الشريف بن عكشة ومصطفى بوستة ومصطفى رعايلي وطورش عبد الحفيظ كإطارات للثورة في الولاية الاولى مع مجموعة من المجاهدين ويقدر عددهم 150 مجاهد الى الولاية السادسة ، وهنالك التقوا باحمد عبد الرزاق المسمى العقيد الحواس قائد الولاية السادسة.
والى حد الان تطرح اسئلة حول نقل بوستة مصطفى ومحمد الشريف بن عكشة وعبد الحفيظ طورش الى الولاية السادسة ، رغم ان البعض منهم كان في قيادة اركان بن بولعيد مثل مصطفى بوستة ، وان البعض منهم يعدون الفاتحين الاولين للثورة خارج الاوراس.
كانت نهاية الرائد محمد الشريف بن عكشة أن استشهد مع العقيدين : اعميروش والحواس( أحمد عبد الرزاق) بسبب وشاية من العملاء ، فطوقتهم فرنسا بجيشها وعملائها في 28 مارس 1959م بجبل تامر قرب بوسعادة ، وانتهى مشوارهم في الحياة بالشهادة في معركة غير متكافئة في العدة و العتاد.





تعليقات
إرسال تعليق